قصص وعبرقضايا وأراءوعي

قصة محمد صلاح آخر … اتعلموها بقى!

و فاز محمد صلاح بجائزة أفضل لاعب في إنجلترا لسنة ٢٠١٨.
و فرح الشعب المصري فرحة كبيرة، و الناس في كل بيت عينها دمعت كأن محمد واحد من أبنائها.
و فرحت انا كمان. فرحت به كتير و فرحت له اكتر.
و افتكرت محمود عبد الكريم. لان عم محمود كان قال لي علي السر. سر ايه؟ سر نجاح اللي زي محمد صلاح. طب ايه هو السر و مين عم محمود؟

محمود كان ولد صغير بيشتغل boy في ملاعب تنس نادي الجزيرة زمان. و زمان ده يعني زمان قوي. سنة ١٩٣٩. و الـ boy ده شغلته يلم الكور للناس اللي بتلعب تنس و كان أيامها بياخد مليم اجر عن كل time. و التايم يعني ساعة لعب. يعني يشتغل عشر ساعات يقبض في آخرهم قرش صاغ.

و في يوم من الايام كان بيلم كور لاتنين إنجليز من اعضاء النادي و في اخر اللعب واحد منهم اداله مضرب تنس قديم مشروخ و فتلته مقطعة. محمود فرح قوي بالمضرب و مشي يضرب سوينجات في الهوا. و هو مروّح من النادي فات علي ملاعب الاسكواش فطلع يبص بصه. لقي الرجل الإنجليزي نفسه بيلعب لوحده.

شافه الرجل فقال له انزل العب معايا. فدخل محمود يلعب معاه اسكواش لأول مره في حياته بمضرب تنس مشروخ و فتلته مقطعة. الراجل فهمه أصول اللعبة و لعبوا game و طبعا الراجل غلبه تسعة تلاته. محمود زعل جداً. ازاي الراجل الانجليزي يغلبني تسعة تلاته. صحيح دي اول مره العب لكن ازاي يعني يغلبني تسعة تلاته؟!

رائج :   من سلسلة (روايات مصرية للجيب) || الزائر

تاني يوم، محمود راح النادي قبل ميعاد شغله و دخل ملعب فاضي و قعد يتمرن علي لعبة الاسكواش و يستعد علشان لما يشوف الراجل يتحداه. لكن الراجل ماجاش يومها ولا الايام اللي بعدها. فضل محمود كل يوم متحفز و يروح يتمرن و يستني الانجليزي علشان يلاعبه و يهزمه. لكن اللي ماكانش يعرفه ان الحرب العالميه الثانيه قامت و ان الراجل ده كان ظابط إنجليزي كبير و أتنقل مع قوات بريطانيه لقبرص. 
طب و العمل؟ حاخد الـ revenge ازاي؟

فضل محمود بيغلي، و قعد يتمرن في الملعب لوحده كل يوم. و بالقروش اللي حوّشها اشتري مضرب اسكواش و أجاد فنون اللعبه. و بعد سنين جه النادي واحد اسمه عبد الفتاح باشا عمرو. الباشا كان سفير مصر في إنجلترا و كان لاعب اسكواش ممتاز. و كانت الحرب العالمية خلصت و رجعت بطولة إنجلترا تتلعب بعد توقف ست سنوات. و كانت البطوله وقتها بتتلعب بنظام التحدي. فمحمود بعد ما غلب يستني ظهور الراجل الانجليزي قرر انه ياخد ثأره من بطل العالم نفسه – الانجليزي الأسطورة جيمي دير! 

و توسط بعض اعضاء النادي من الوجهاء لدي عبد الفتاح باشا كي يتقدم بطلب التحدي للاتحاد الانجليزي للاسكواش و قد كان.

سافر محمود عبد الكريم لإنجلترا علشان يلاعب جيمي دير و وصل و قعد في غرفة إيجارها بسيط لانه ماعندوش فلوس. وسئل عن عنوان السفارة المصرية وذهب لمقابلة عبد الفتاح باشا و تذكرته بموعد المباراة. و كان الباشا مشغولاً و لكنه وعده بالحضور و تمني له حظاً طيباً و سأله لو محتاج حاجه.

رائج :   الحلقات الستة كاملة من رفقاء الليل (ج5) || د : أحمد خالد توفيق

محمود ماكانش معاه غير بس ثمن ايجار الغرفه اللي حينام فيها. و عزت عليه نفسه يطلب من الباشا اَي حاجه. كفاية انه توسط له علشان يلعب المباراة. اصل مش اَي حد كده يروح يتحدى بطل العالم! لكن اللي لازم تعرفوه ان عبد الفتاح باشا كان كسب بطولة العالم للهواة سنة ١٩٣٧و بالتالي يعرف مسؤولي اللعبة في إنجلترا كويس. فمحمود قال مش مهم يمشي لحد البيت و مش مهم انه يأكل. المهم انه يركز في الهدف اللي جه علشانه: انه يلعب الماتش و يثبت نفسه.

و يوم الماتش كانت لندن في عز البرد. محمود راح علي رجليه و وصل نادي لانسداون من بدري وقعد يستنى. و على الظهر ابتدت الناس توصل. الإنجليز طول عمرهم مهتمين بلعبة الاسكواش و بيعتبروا نفسهم أسياد اللعبة. فجت الناس تتفرج علي بطل الأبطال بتاعهم جيمي دير و هو بيسحق واحد كعادته. ووصل أعضاء الاتحاد بقبعاتهم العالية و السيدات بأزيائهم الراقيه و الأطفال واقفين على جانبي المدخل علشان يحصلوا علي توقيع بطل الأبطال، و جت الصحافة علشان تكتب الأمجاد.

و اخيرا وصل جيمي دير و الدنيا هاصت. الكل جه يشجع جيمي. بص محمود في كل الوجوه و لم يجد وجه الشخص الوحيد اللي يعرفه. لم يحضر الباشا. و اثناء خروجه من النادي قابل الباشا داخلا بسيارته متأخراً اربعين دقيقه فسأله الباشا: انت رايح فين؟ مش حتلعب الماتش؟ 
فرد محمود: انا لعبت يا باشا و اديني مروح.

عم محمود هو اللي حكالي الحكايه دي سنة ١٩٩٦ لما عملت معاه حديث للتليفزيون المصري بمناسبة إقامة بطولة العالم للفرق في مصر. حكي لي القصه كلها حتي توقف عند رده علي الباشا: “انا لعبت و اديني مروح”. ثم غمز لي بعينه الزرقاء و قال: “ضربت لك جيمي دير ده (تسعه مافيش – تسعه مافيش – تسعه واحد) في ثلاثين دقيقه.

رائج :   تعرف على احداث موقعة عين جالوت(658هـ – 1259م) و الغزو التتاري

سحق محمود عبد الكريم بطل الأبطال و حامل وسام الامبراطورية البريطانية في عقر داره و وسط جمهوره. و توج ال boy اللي ابتدا بمليم أجره بطلا علي العالم لخمس سنوات من ١٩٤٧ لـ ١٩٥١. و تهافتت الصحافة على تصويره و الحصول على أحاديث معه، وظهرت صورته على أغلفة المجلات الكبرى وأرسل الملك فاروق له ببرقية تهنئة وتشجيع قال له فيها أنه فخور به و يعتبره من الآن سفيراً لمصر في مجال الرياضة.

و قامت إحدى شركات الأدوات الرياضية بتصنيع مضرب اسكواش اسمه “محمود كريم” عليه امضاء البطل المصري وكانت له أمجاد.

و سألته في نهاية لقاءنا عما تعلمه في هذا المشوار. و ما هو سر النجاح؟ هل هو الإصرار؟ ام العزيمه؟ ام التدريب الجيد؟ ام الإمكانيات؟ فجاء رده في كلمة واحده: “الأخلاق”.
فلما طلبت مزيداً من الايضاح، نظر الي بنظرة الأب الذي خبر الحياة و أراد الخير لابنه و قال: “الأخلاق يا بني هي اللي بتودي البني آدم لقدام و هي اللي بتجيبه ورا”.

مبروك لمحمد صلاح و برافو انه فهم الدرس اللي اغلب الرياضيين في مصر، بل اغلب الناس، محتاجين يفهموه و يؤمنوا و يلتزموا به.

Related Articles