وعي

كمامة قطونيل .. القطن مبيتكلمش مصري !

في أواخر رمضان 2020 أطلقت شركة قطونيل حملة تلفزيونية للإعلان عن أحدث منتجاتها وهي الكمامة او المساكات القطنية “الأصلية”، والتي تحمس لشرائها الكثيرون في البداية خاصة أنها “مضمونة” بحسب الإعلان

لكن سرعان ما خفت ذلك الحماس عندما بدأ البعض رواد في ملاحظة ذلك النص الصغير في أسفل الشاشة الذي يشير إلى أن الكمامة “للاستخدام الشخصي وليس الطبي” وهي جملة غير واضحة خاصة أن الحاجة والاستخدام الأساسي من الكمامات حاليًا هو الوقاية من عدوى فيروس كورونا، بالإضافة إلى أنها تتناقض مع ما يطرحه الإعلان من أن كمامة قطونيل الأصلية ” وقاية وحماية في كل مكان”.

ومع قيام جهاز حماية المستهلك المصري بإيقاف الإعلان لعدم التزام قطونيل بالضوابط الصحية القياسية الواجب توافرها في الكمامة بشكل يجعل الإعلان مُضلل للعميل، كان أكثر ما حيرني عند متابعة الإعلان هو لماذا وضعت قطونيل تلك الجملة صغيرة الخط في إعلانها المُصور التي ربما تتناقض مع الإعلان نفسه؟

في الحقيقة إن الهدف من وراء تلك الجمل صغيرة النص “fine print” التي عادة ما نراها في الإعلانات هو هدف قانوني، حيث أنها توضح للعميل الشروط والأحكام المتعلقة بشراء المنتج وبالتالي تخلي الشركة مسئوليتها من أي سوء فهم يمكن أن يقع فيه العميل بعد ذلك

فعلى سبيل المثال كثيرا ما نرى بعض المطاعم تُعلن عن تقديم عرض على سعر وجبة ما لديها بمبلغ 40 جنيهًا فقط ولكن أسفل هذا العرض نجد جملة ” السعر غير شامل ضريبة القيمة المضافة 14%” مكتوبة بخط صغير، في تلك الحالة المطعم أوضح للعميل أن السعر المذكور في العرض ليس نهائيًا وبالتالي أخلى مسئوليته عندما يجد العميل نفسه يقوم بدفع ما هو أكثر من 40 جنيهًا.

لذلك يمكن أن نعتبر أن هذا النص الصغير Fine print بمثابة عقد مبدئي بين العميل والشركة التي يتعامل معها، لكن المشكلة للأسف أن كثير من الشركات تستغل فكرة أن العملاء لا يلاحظون ذلك النص بسهولة، فيبدأون باستخدامه بطرق ملتوية وبنظام دس السُم في العسل كما في حالة كمامة قطونيل.

وعلى الرغم من أن هذا النوع من الإعلانات المخادعة التي تخفي فيها الشركات الحقائق عن المستهلك أو تُناقض العرض الذي يقدمه المنتج يمكن أن يساعدها في جذب عملاء جُدد لها وربما دفعهم للشراء في الوقت الحالي، إلا أنها على المدى البعيد ستؤثر على اسم وسمعة الشركة في المستقبل وثقة العميل فيها؛ لأنه بمجرد أن يكتشف الحقيقة قد يُوقف التعامل معها نهائيًا وذلك حتى لا يقع فريسة لها مرة أخرى.

وحتى تتفادى وقوع شركتك في أي شبهة خداع أو تضليل للعملاء، يجب أن تكون الكتابة الصغيرة الخاصة بقواعد الاستخدام أو إخلاء المسئولية في الإعلان كالتالي:

  • بارزة وكبيرة بشكل كافي بحيث يستطيع العملاء قراءتها بسهولة.
  • أن توضع في المكان الذي سينظر العملاء إليه في الإعلان بحيث لا تكون مخفية أو غير مرئية.
  • ألا يكون هناك صور أو رسومات أو نصوص أخرى يمكن أن تؤثر على قراءتها أو تساعد في حجبها.
  • أن يتم وضعها بالقرب من العرض الأساسي الذي تُعلن عنه وألا تكون بعيدة عنه.

رائج :   مملكة العميان (قصة قصيرة من الأدب العالمي)

بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة من العناصر المهمة التي يجب مراعاتها عند كتابة الإعلان نفسه بحيث تبعد عن خطر التضليل والخداع ومنها على سبيل المثال:

1. عدم استخدام كلمات مضللة تحمل أكثر من معنى، والحرص على أن تكون صياغة الإعلان واضحة وتعبر عن العرض الحقيقي، فلا تقوم بعمل إعلان تستخدم فيه كلمات مثل “مجانًا” وهو في الواقع غير مجاني خاصة إذا كان العميل في النهاية سيقوم بدفع مبلغًا ما حتى وإن كان بسيطًا.

2. احرص على السياق، بحيث لا تقوم بعزل جملة بعينها عن بقية السياق بشكل يعطي انطباع مختلف تماما عن المعنى الأصلي المقصود منها، عندما قدمت شركة كيلوجز على سبيل المثال بسكويت ” Cheez-It ” كتبت على الغلاف من الأمام أنه مصنوع من الحبوب الكاملة

لكن عند قراءة الحقائق الغذائية خلف الغلاف ستجد أن نسبة الحبوب الكاملة من المنتج ضئيلة جدا وأكبر نسبة كانت للدقيق الأبيض، كيلوجز في تلك الحالة قامت بوضع مكون غير رئيسي خارج السياق الذي يجب أن يوضع فيه وصدرت للعملاء فكرة أنه المكون الأساسي للمنتج.

3. اذكر كل التفاصيل، إذا كانت هناك حقائق أو معلومات يجب ذكرها عن المنتج سواء كانت عيوب فيه أو أضرار جانبية تنتج عن استخدامه، فيجب أن تُكتب بخط واضح وفي مكان بارز من الإعلان.

4. احترس من المصطلحات والوعود البراقة التي تستخدمها، عام 2011 قامت شركة ديل بإعلان مكتوب ذكرت فيه أن جهاز اللاب توب XPS-15 هو أنحف جهاز على الكوكب، وذلك بالرغم من أنهم ذكروا بخط صغير أسفل الإعلان أن هذا بُناء على المقارنة التي تمت مع أجهزة شركات أيسر، أسوس، HP، لينوفو، سامسونج، سوني وتوشيبا

بالإضافة لذكرهم أيضا أنه لم تكن هناك مقارنة مع أجهزة شركة أبل وغيرها من الشركات، وذلك بالطبع ينفي ما قيل في الإعلان عن أن الجهاز أرفع جهاز على الكوكب لأن ديل ببساطة لم تقارنه بجميع الأجهزة.

مقالات ذات صلة