أجمل رسائل بريد الجمعة

الأرادة الحرة ‏!! .. رسالة من بريد الجمعة

من أرشيف بريد الأهرام للكاتب عبد الوهاب مطاوع (رحمه الله)

شجعني علي الكتابة إليك ما نشره بريد الجمعة تحت عنوان ( الاختيار القهري) والتي اضطرت صاحبته الي الزواج من شخص رغما عن ارادتها حتي تنجو بنفسها وأسرتها من الحرب التي يشنها عليهم,

وأود أن أرد عليها بأنني قابلت الكثير جدا من هذه النوعيات وقد قام كل منهم باستمالتي بشتي الطرق المشروعة وغير المشروعة لإرغامي علي الزواج من أحدهم ولكنني رفضت أن ألغي ارادتي الحرة اتقاء لتلك المشكلات كما فعلت صاحبة الرسالة, وقبل أن أحكي القليل من الكثير مما خضت فيه أود أن أعرفك بنفسي:

فأنا مدرس مساعد بكلية الطب وحاصلة علي رسالتي ماجستير في الطب وأستعد للسفر الي أمريكا لدراسة الدكتوراه في بعثة رشحتني لها الجامعة, ومن أسرة عريقة ومعروفة في محافظتي, ويقال عني أنني ذات جمال هاديء ومريح ورقيقة ومهذبة والأهم من ذلك أن لي جاذبية شخصية وقد تقدم لي رجال كثيرون لذلك ولانني بحكم طبيعة عملي اتعامل مع الكثير منهم وقد رفضتهم جميعا لأسباب لا مجال لذكرها ولدهشتي فإن جميعهم يكونون معي في غاية الأدب والشهامة والرجولة والتدين في البداية, ولكن عندما يتأكدون من رفضي لهم يظهر لي الوجه الآخر أو الوجه الحقيقي بمعني أصح.

والمثال علي ذلك حين أعجب بي أستاذي المتزوج في بداية حياتي العملية وكنت طبيبة مقيمة بالمستشفي الجامعي وكان يعاملني معاملة حسنة ولما علمت أنه معجب بي بدأت بالتعامل معه بتحفظ حتي لا يتعدي حدوده معي( وكان مشهورا بذلك) ورغم علمي أنه يستطيع أن ينهي عملي بالجامعة ويضيع مستقبلي, فما كان منه إلا أن اضطهدني وحملني ما لا أطيق من أعمال طوال فترة عملي بهذا المستشفي وعند أدائي لامتحان الماجستير كان هو رئيس احدي اللجان ولم ينس لي ما فعلته معه فحصلت علي درجات منخفضة جدا في مادته بينما حصلت علي ممتاز في باقي مواد الماجستير.

رائج :   الليالي المظلمة .. رسالة من بريد الجمعة

ومثال آخر كان مشرفا علي رسالتي للماجستير الثانية ـ وكان يريد أن يتزوجني فكان في غاية الأدب معي وعندما رفضته سامني سوء العذاب أثناء البحث ورأيت منه جميع أنواع الاضطهاد وسوء المعاملة وكان يقول لي إنك لا تصلحين لأن تكوني طبيبة ومن الذي أعطاك البكالوريوس والماجستير السابق, لن أعطيك الماجستير ولا حتي بعد عشر سنوات أو أكثر حتي فكرت جديا أن أتقدم باستقالتي من الجامعة وأنقذ نفسي وأعصابي وأوفر سنوات عمري الضائعة هباء ثم أنقذني ربي منه وحصلت علي الماجستير بتقدير ممتاز ولكن بعد أربع سنوات كاملة من العذاب.

وإنني لأتساءل كيف يرضي رجل لنفسه وكرامته أن يتزوج انسانة رغما عن ارادتها الحرة ويحصل علي الحب بالقوة والإرهاب وهو يعلم تماما انها لا تحبه ولا تحترمه ولمجرد أنه هو الذي يريدها؟؟ وكيف ينزلق الي هوة الانتقام السحيقة رغم أن أغلبهم حاصلون علي أعلي الدرجات العلمية ويشغلون مناصب رفيعة؟؟

رائج :   نقطة الضوء ‏!‏! .. رسالة من بريد الجمعة

هل هي طرق التربية الخاطئة في مجتمعنا الشرقي والتي منها ـ علي سبيل المثال ـ أنهم تعودوا أن يحصلوا منذ صغرهم علي كل ما يريدون فنشأوا علي الأنانية بينما جعلهم التعليم متطورين شكلا وهم بدائيون في تصرفاتهم وفي تفكيرهم, وإلا فما هو التفسير لذلك.. ان ما حدث معي ليس حالة فردية وانها تحدث لكثيرات في مواقع العمل المختلفة فما رأيكم في ذلك؟؟

ولكاتبة هــذه الرسـالة أقــــول (رد الكاتب عبد الوهاب مطاوع) :

قد يكون تفسير بعض جوانب ذلك هو أن هناك نوعا من الثقافة يسميه البعض ثقافة الطبع.. يختلف كثيرا عن ثقافة التعليم والقراءة وتحصيل العلم.. وهو نوع من الثقافة يخلق لدي الانسان حسا حضاريا مهذبا يستمد جذوره من تربيته الدينية والأخلاقية والعائلية.. ومما يقرأه في الكتب ويشاهده في الحياة وينقله عن الآخرين الذين يتشبه بهم, فيصبح لديه طبع المثقف حتي ولو لم يكن حاصلا علي مؤهل علمي, ويسلك في حياته الشخصية وتعاملاته مع الآخرين سلوكا راقيا خاليا من الغلظة والهمجية والأنانية والبدائية يهديه اليه طبعه وقيمه الاخلاقية الراسخة وما يسمي بالذوق الانساني..

ومشكلتنا الحقيقية هي أن بعض من يفترض فيهم أن يكونوا من الصفوة بحكم درجاتهم العلمية ومناصبهم الرفيعة قد لا يكونون في واقع الحياة كذلك.

رائج :   البداية السيئة ‏! .. رسالة من بريد الجمعة

بالنظر الي سلوكياتهم الشخصية وروحهم الهمجية في التعامل مع الآخرين ومن هنا تأتي الصدمة فيهم.. ويثور السؤال: كيف يتسني لهم أن يفعلوا كذا وكذا وهم من حملة الدرجات العلمية وشاغلي المناصب الرفيعة, والحق أنه لا وجه لمثل هذا التساؤل المغلوط.., لأن الدرجة العلمية والمنصب الرفيع ليسا دائما من علامات الشريف ان لم يصاحبهما السلوك الراقي, والاهتداء بالقيم الدينية والاخلاقية والاحتكام الي روح العدل في التعامل مع الآخرين.

وصاحب الدرجة العلمية أو المنصب الرفيع اذا افتقد كل ذلك لم يكن متحضرا حقا لا بالدراسة ولا بثقافة الطبع.. ولعل من العوام من يكون أكثر رقيا وتحضرا منه باهتدائه بقيم دينه في حياته الشخصية ورعايته لحدود ربه في تعاملاته مع الآخرين وربما يكون قد اكتسب ذلك بالسماع عن غيره أو عن أبويه.

ولقد كان المأمون يقول: ان من علامات الشريف أن يظلمه من هم دونه وأن يظلم هو من هم فوقه! بمعني أن يكون رفيقا بمن هم دونه حتي ليبدو للعامة وكأنه الضعيف أمامهم, وأن يكون جريئا في الحق مع من هم فوقه حتي ليبدو وكأنه يظلمهم. فقيسي بهذا المعيار تصرفات البعض ولسوف تعرفين من هم الشرفاء ومن هم غيرهم.. والسلام!


لطفا .. قم بمشاركة الموضوع لعله يكن سببا في حل أزمة أو درء فتنة …

مقالات ذات صلة