قضايا وأراء

مصر || أغسطس 2017 … ليه الدولار بينزل ؟

بقلم : Adel Fawzy

ده اكتر سؤال تم توجيه الى خلال الفترة الماضيه .. بداية انا هاجاوب السؤال ده بسؤال من عندى قبل ان اضع اجابه للسؤالين ..

هو الدولار لما يبقى من ست سنين بخمسه جنيه وبعدها يبقى بسته ثم سبعه ثم سبعه وستين قرشا ثم ثمانيه ثم يصل فى اواخر الفين وستاشر الى تسعة جنيهات واخيرا يتضاعف سعره اليوم عن العام الماضى ليتحرك حول الثمانية عشر جنيه يبقى فين اصلا الدولار اللى بينزل ولا مؤاخذه ؟..

السؤال مينفعش يبقى كده .. ليه الدولار بينزل ؟…

السؤال السليم عقلا ونقلا وضبطا للصياغه .. ليه الدولار تراجع عن اعلى قمه او سعر متطرف وصل اليه ؟.. بمعنى ليه الدولار تراجع عن السعر المتطرف اعلى سعر عشرون جنيها ؟…

فنيا التراجع عن القمم فيما يعرف بالارتدادات التصحيه امر لازم ومصاحب للاتجاه الصاعد طوال الوقت وفى نفس الموعد كل مره بعد الموجات الصاعده قبل مواصلة الصعود ..

ولكن مهلا .. فهذه ليست الاجابه التى وعدتك بها ..

فأنا هنا لن احدثك هذه المره بنفس الطريقه الفنيه التى اعتدت ان احدثك بها ولكنى سأشرح الامر بشىء من التفصيل ..

اولا يجب عليك التفريق بين مشكلتين .. المشكله الاقتصاديه .. ومشكلة السيولة .. والثانيه وان كانت احدى توابع الاولى كنتيجه مباشره لسوء الادارة الا انها تبقى مشكلة منفصله عنها تماما ومستقله ..

المشكلة الاقتصادية باختصار تكمن فى اننا ننتج اقل مما نأكل ونصدر أقل مما نستورد وهى اخذه فى التفاقم منذ زمان بعيد حتى خلف النظام الاقتصادى قصورا فى تخليق الوظائف وانخفاض مداخيل التصدير والسياحه وغيرهما من الانشطة الاقتصاديه الامر الذى خلف بدوره فشلا فى تلبية طموح الوطن فى نمو اقتصادى مناسب وعجزا دائما فى الموازنه العامه والميزان التجارى على مدى زمان طويل ..

رائج :   ماذا يحدث في برشلونة (كتالونيا) ؟

المشكله النقديه أو مشكلة السيوله أو بمعنى أدق مشكلة التناقص الحاد من المعروض من النقد الأجنبى خلال الاعوام الفين وخمسة عشر والفين وستة عشر وقد بدت بوادرها كنتيجه للمشكله الاقتصاديه وانخفاض مداخيل الدوله من النقد الاجنبى فى اعقاب ثورة يناير مع التكلفه الباهظة لانتشار الجيش فى نفس الفتره ..

سوء الاداره النقديه ما بعد الفين واربعة عشر وتكبيل قدرات الوطن فى مشروعات كبيره مشكوك فى جدواها مع الاستمرار فى انخفاض مداخيل السياحه والتصدير مع الانكباب على ماكينات طباعة البنكنوت وصك العمله كل ذلك عوامل ادت الى تحويل مشكلة السيوله الى ازمه .. ازمه خانقه بدت معها الدولة على وشك الانهيار .. 

كانت اعتمادات الاستيراد المعلقه لدى البنوك تتراكم بشكل مطرد فى ظل ظروف يبدو معها الحصول على دولار لتمويل هذه الاعتمادات فى ظل تلك الاوضاع امرا مستحيلا .. 

كانت الشركات الاجنبيه العاملة فى مصر قد تخلفت عن تحويل ارباحها لاكثر من عامين متتالين مع عدم قدرة الدولة فى نفس الوقت على الوفاء بالتزماتها لشركائها من مستثمرى النفط ..

لدينا ازمة سيوله غير مسبوقة فى مصر .. الدولار المسعر من قبل الدولة بتسعة جنيهات غير متوافرا فى الجهاز المصرفى .. وهو متاح باسعار اعلى كثيرا لمن يريده فى السوق السوداء .. 

الدوله وكعادتها وعوضا عن القيام بدورها فى وضع الخطط للحصول على الدولار عن طريق رفع المداخيل الاقتصاديه من النقد الاجنبى عن طريق السياحه والتصدير وجذب الاستثمارات فكرت اول ما فكرت فى الطريقه التى تستطيع بها الحصول على الدولار من السوق غير المصرفى .. اى من داخل الدولة نفسها .. حلا بالتأكيد انه حتى حال نجاحه سوف يكون مؤقتا لأنه لم يرتكز الا على حل الأزمه الانيه لتناقص النقد الاجنبى ..

حسنا .. سنقوم بتحرير سعر الصرف .. 

يا الهى .. الدولار ينطلق نحو عشرين جنيها .. المواطنون يهرعون فى اتجاه المصارف لبيع دولارتهم .. الدولار الان متاحا من طريقين .. الاستدانه من صندوق النقد بعد الاذعان لشروطه .. وبالشراء من المواطنين الذين ارتضوا التخلى عنه اخيرا بتلك الاسعار المرتفعه وهم الذين حصلو عليه منذ شهور بأقل من تسعة جنيهات ..

رائج :   نبيذ وفحم .. || من كتابات د : أحمد خالد توفيق

الشركات الاجنبيه الغاضبه حولت ارباحها .. وطلبات الاستيراد المتأخره تم تلبية اعتماداتها .. ولكن شيئا قد تغير فى مصر .. لقد تم تلبية الاعتمادات بالاسعار الجديده للدولار .. لقد اصبح لبن الاطفال يباع فى الصيدليات عند تسعين جنيها وهو الذى كان ثمنه لا يتجاوز السبعه وعشرين منذ شهور .. 

الاسعار تتضاعف فى كل مكان وكل سوق .. مبيعات السيارات تتقلص .. ركود فى اسواق العقارات .. اللحوم تتجاوز المائه وخمسين جنيه .. حاله من الانكماش اخذة فى التمدد .. الناس اصبحت تشترى ما يقيتها بالكاد .. النتيجه .. تقلص الانشطه الاستيراديه مما يعنى تقلص الطلب على الدولار وهو الامر الذى تريده الدوله ايا ما كانت نتائجه الاخرى ..

حسنا .. سنقوم برفع مستوى الفوائد ..

يا الهى .. الناس يتركون السوق .. يهرعون الى المصارف .. منتوجات البنوك تتوالى .. شهادات ذات عوائد مرتفعه .. حسابات ادخار بعوائد غير مسبوقه .. لملمة للأموال ومزيدا من الانكماش .. وحتى اولئك الذين لم يفرطوا فى مدخراتهم الدولاريه .. مع ارتفاع الفوائد .. سوف يراجعون مواقفهم و يتخلون عنها بالتأكيد ويهرعون الى الادخار بالعمله المحليه ذات العوائد المرتفعه ..

تكلفة تمويل الاعمال بعد ارتفاع الفوائد اصبحت فى حدود الخمسه وعشرون بالمائه .. اما اعباء التمويل خارج السوق الرسمى اصبحت تتعدى الخمسين بالمائه .. توقف التمويل .. توقفت الاعمال .. نحو مزيدا من الانكماش ..

رائج :   الخروج إلي المجهول ‏!‏! .. رسالة من بريد الجمعة

حسنا .. سنقوم بطرح أذون خزانه .. 

سندات .. كمبيالات .. ايصالات امانه .. سلف بالفايص ..سوف نقوم بالاقتراض من كل كائن حى .. بأى فائده .. وبأى تكلفه .. ومهما بلغ الامر سنقترض .. سنقترض اى شىء وكل شىء .. والنتيجه دينا عاما متفاقما تاريخيا ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه ..

حسنا سوف نقوم الان باعداد الموازنه العامه ..

دعك من جانب الايرادات فالجميع يعلم .. العين بصيره والايد قصيره .. والفلوس ليست كل شىء .. دعنا ننطلق فورا نحو العجز المتفاقم لننظر كيف سنتعامل معه ..

لدينا فى موازنتنا السعيده ومنذ اكثر من نصف قرن كامل من الزمان جانب مصروفات معروف وواضح ينقسم الى ثلاثة اقسام :

الخدمات والدعم وسداد القروض واعبائها

القروض واعبائها تفاقمت كثيرا 

  • اولا بالاستدانه المستمره
  • وثانيا بالتعويم
  • وثالثا برفع الفوائد 

هذا الجزء لا يمكننا التعامل معه ..

لا بد من تخفيض الخدمات قدر ما نستطيع 
التعليم مثلا .. هيعمل ايه فى وطن ضايع ؟..
السكه الحديد الفلوس اللى هتتحط فيها تتحط فى البنك احسن او ممكن نخش بيها جمعيه ونقبضها الاول 

اما القسم الاهم وهو الدعم فهو قسم يجب التخلص منه .. انا معنديش حاجه ببلاش ..

اخيرا ..

اللى انا عايز اقوله وبعد كل الرغى ده واسف للاطاله ..

حالة توازن الجنيه امام الدولار المؤقته العارضه حالة مفادها وملخصها ان رب اسرة لم يعد يستطيع الانفاق على اسرته عوضا عن البحث عن عمل يتكسب منه قرر ان يقترض .. قرر ان ينقل عبء الازمه الى اولاده .. الابن الذى يريد ان يأكل عليه ان يطعم نفسه .. والذى يريد ان يتعلم .. عليه ان يعلم نفسه .. وفى الاخير .. كل الديون التى يقترضها الاب .. سيرثها الابناء حتما ..

مقالات ذات صلة